هذه الألفاظ؛ فبعضها يدخل في بعض؛ فكلمة "قيام الليل" معناها أنك تقوم لله سبحانه وتعالى بعد صلاة العشاء؛ فكل ما صليته بعد صلاة العشاء؛ فهو معدود في قيام الليل إلى أذان الفجر؛ فكل ما يقع في هذا المقام نسميه بقيام الليل.
الصحابة الكرام كانت تصلي كما كان يصلي رسول صلى الله عليه وسلم، ورسول الله في رمضان ولا في غيره زاد عن أحد عشر ركعة، أو ثلاث عشرة ركعة؛ بمعنى أنه لم يزد على هذا فيما ورد، لا في رمضان ولا في غيره؛ ولكن عمرو بن الخطاب رضي الله تعالى عنه لمّا جمّع الصحابة جمّعهم على عشرين، وكان أهل مكة يصلّون هذه العشرين ويتروّحون بالطواف -وهو عبادة- ببيت الله الحرام بين كل ركعات أربع؛ فسمع أهل المدينة بذلك؛ فجعلوا مكان كل طواف أربع ركعات؛ فصارت الركعات في عهد الإمام مالك ستاً وثلاثين ركعة..
إذن فالزيادة في الخير والزيادة النوافل وإكثار التعبد، من سنة رسول الله، ومن سنة خلفائه الراشدين، ومن سنة السلف الصالحين.
لمّا كان الأمر كذلك، وصلى جمهور المسلمين عشرين ركعة، وهي التي تسمى بالتراويح، ويجب فيها أن نصليها ركعتين ركعتين؛ فإن أقواماً أطلقوا على ما يُصلّى بعد ذلك من خير ومن زيادة "صلاة التهجد"؛ فأصبح هناك مصطلح شائع بين المسلمين أن التراويح تطلق على العشرين ركعة، ثم ما يُصلى بعد ذلك في جوف الليل إلى الفجر يسمى بالتهجد، وكلاهما هو مُكَوّن لقيام الليل.
الإنسان يجب وينبغي عليه أن يعبد ربه طاقته؛ يعني في حدود طاقته، وليس عليه أن يكلف نفسه ما لا تطيق؛ "فإن الله لا يملّ حتى تملوا"، كما أرشدنا سيدنا صلى الله عليه وسلم: "فليعبد أحدكم ربه طاقته"؛ فهذا هو أحسن الحال حيثما تجد قلبك.
ولذلك من صلى الثمانية ثم أوتر بثلاث؛ فلا بأس بها، ومن صلى العشرين وأوتر بثلاث؛ فلا بأس بذلك، ومن قام بعد ذلك بليل، فأراد أن يزيد صلاة التهجد؛ فلا بأس بذلك.
وكلمة "تهجد" معناها هذه التاء تسمى في اللغة العربية بتاء السلب؛ لأنها عكست معنى الفعل؛ على عكس تاء الطلب؛ فإنها تقرر معنى الفعل؛ فالتاء التي في كلمة "تساوم" معناها أنه طلب الفصال في البيع والشراء، هذه بعشر يقول بخمس ويتفاصلان.. لكن "هجد" معناها: نام؛ فـ"تهجد" معناها: لم ينم؛ ولذلك إذا نام الإنسان ثم ذهب النوم وجاء التهجد؛ فالتهجد هو القيام من النوم؛ ولذلك تُسمى تاء السلب، ومثلها "تحنث"؛ بمعنى أنه ترك الحنث، "تأثم" بمعنى أنه ترك الإثم.. وتاء السلب هذه بخلاف تاء الطلب.